(
قصة قصيرة
============
صــــانع السعــــــــــــــادة ..
(((((قصة قصيرة ))))
بقلم هبه عبد الغني عبد المحسن
******مصر********
استقبل " آدم " عامه الخمسين من وراء الجدران والأعمدة والتصميمات غير آبِ بمرور سنوات عمره وحيدًا دون أن يتزوج أو أن يُكون ثروة من عمله مهندسًا معماريًا في سلطنة عمان منذ أكثر من عشرون عامًا .. يحيا بالحب والعطاء للجميع متناسيًا نفسه .
زملاؤه في العمل وأصدقاؤه يحبونه ومجرد دخوله عليهم يقابلوه جميعًا بالابتسام حيث يقدم لهم دائما الحلوى والهدايا الصغيرة التي رغم بساطتها إلا أنها تترك في نفوسهم أثرًا طيبًا وتضفي على المكان جوًا من البهجة والسعادة .
الجميع يرى "آدم " رجل تقي وأخ حقيقي لا يتأخر عن زيارة مريض، أو مواساة مجروح سواء كان صديق أو جار أو قريب .. فهو يغدق بالحب والسعادة على كل من حوله، حتى عندما يعود لما تبقى من أهله في مصر يعود محملاً بباقة من الهدايا المبهجة .
كثيرًا ما نصحه أصدقائه بالزواج وإنجاب أطفالًا بدلاً من إغداق دور الأيتام بالهدايا والتبرعات .. حتى يوم قال له صديقه أحمد متعجبًا وحزينًا: إنك طيب القلب وتعطي الكثير ولكنك لم تأخذ حظًا من الدنـيــــا لا زوجة تؤنسك ولا مال يسترك ولا ولد يسندك في الكبر وقد غادرك خمسون عامًا !
ولم يجيبه "آدم" إلا بابتسامة رضا فلم يكن يملك "آدم" المال الكافي للزواج من كثرة إنفاقه في أوجه الخير ..
وذات يوم فُزع "آدم" وتزلزل قلبه حزنًا عندما سمع خبر وفاة صديقه الشاب السوري المهندس أمجد تاركًا زوجته وأبنه في مهب الريح دون عائل ، فهي لا تعمل وليس لها أهل في سوريا جميعهم استشهدوا في القصف ووجب عليها العودة لبلدها بعد وفاة كفيلها فأين تذهب هذه المسكينة ، اعتصر الحزن قلب "آدم" وهو يرى بكائها في العزاء وتلك النظرات الحائرة الخائفة من المجهول في عيناها وعين طفلها الصغير ..
أخذ "آدم" القرار وتزوجها بعد انقضاء عدتها ، ورغم فارق السن بينهما إلا أنه كان يملأ جو حياتهما مرحًا وسعادةً ... يصنع المفاجــــــآت والحفلات للصغير حتى أنه في إحدى الحفلات قال الصغير : أبى "أدم" أنت أشبه بـــــــــــــ" بابا نويل "
ضحك آدم وزوجته وهي تنظر له بحب وامتنان ... وما هي إلا أشهر حتى وضعت زوجته مولودان توأم جميلان ، كاد "آدم" يطير فرحـًا وطربًا بسماع صوتيهما ويسعد عند استيقاظهما وبكائهما ويُسرع لحملهما ومساعدة زوجته في إطعامهما ..
وفي اليوم السابع من مولديهما أقام لهما مأدُبة كبيرة واحتفالاً ضخمـًا ضم جميع الأصدقاء والجيران ووسط سعادة الجميع الغامرة أقترب أحمد صديق "آدم" متسائلاً : كيف أعطاك الله الدنيـــا في لحظات ؟ وكيف لك بكل هذا المال وأنت تنفق يمينــًا ويسارًا !!
وبنظرة رضا قال "آدم" : قال تعالى ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))