قصة قصيرة بعنوان " هي الأخرى "
بقلم : جميلة حسونة ..الجزائر
حينما تجتاحها عاصفة الإعتراف ، تنزوي داخل صومعة ذاتها ، أين تدغدغها لمسات الإلهام وتعبر حدود آفاقها تسابيح الإيحاء ، فتغشاها نوبة الإنفصام لتذوب في " هي الأخرى " حيث صرير الأقلام يخترق آذانها فتلملم المفردات شمل حروفها لتنساب طوعا لا كرها ...
تطلعت في تقاسيم " هي الأخرى " وناسمتها :
الإنتظار ...ذلك القرين النحاسي المتيم بانكسارات الضوء وتردد الصدى ...
إنه أبشع من الموت !!!
فبعد الموت مواعيد ...
فرح وأحزان ...
والإنتظار برزخ أبدي ...
فحين تتشدق المسافات بزيف الغفران يساورني الشك وتتبدد رغبتي عند لحظات الرحيل إلى عالم لولا ، فيرقص الزمن شوقا للإحتفاء بقلب هائم في قفار الضياع .
تلك الكلمات نفخت الروح ثانية في " هي الأخرى " وانتابها شعور بالإنتماء لعلامات الوقف المنبوذة على رصيف الأبجدية ، فارتأت أن تذكرها بتلك اللوحة الخالدة التي فتقت المواهب وألهمت الكواكب ..
فدهشت وانتابها فضول :
أهي الموناليزا إذن !؟
بل أكبر ، أكبر من ...
وما الموناليزا إلا تجسيد لمكبوتات الوجدان ، فتوشجت لكسر طوق الأنا المهووس بعشق الجسد ، لقد أبدع بيكاسو في رسم البطلة جميلة بوباشا أيضا ، التي صلبت على مذبح الإنعتاق ،وحيزية أسطورة الحب العفيف ، فهما وجهان للوحة فنية واحدة ..
فأجابتها هي الأخرى :
مثلنا تماما ...
أتشعرين بما أشعر ؟
أشعر بشظايا حمى هستيرية قذفتها تأوهات الفؤاد حين تأجج الشوق بين الحنايا وشغاف القلب أضحت أوهن من بيت العنكبوت ...
انتفضت " هي الأخرى " وانتابها غضب جارف كجموح الريح وانفعالات المطر وقالت :
أترين يا " أنا " ما أرى ؟
أنظري لتلك النخلة المكابرة ....
لقد أسرت لي بأنها أقسمت على تحدي رياح الجنوب وكسر صمت الصمت وصبر الطوق ...
وهل تصمد يا " أنا الأخرى " ؟
إنه صرح الإنتظار المسيج بنبات العوسج ..
جميلة حسونة الجزائر